رمضان والعتق من النيران خطبة الجمعة 10 مايو للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة الجمعة القادمة : رمضان والعتق من النيران للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ 5 رمضان 1440 هـ ، الموافق 10 مايو 2019.
لتحميل خطبة الجمعة رمضان والعتق من النيران 10/5/2019 وعناصرها:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة رمضان والعتق من النيران بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة رمضان والعتق من النيران بصيغة pdf أضغط هنا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة رمضان والعتق من النيران كما يلي:
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
رمضان والعتق من النيران
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الهادي البشير والسراج المنيرالقائل:” إنَّ لله عند كل فطرٍ عتقاءَ وذلك في كل ليلة..اللهم صلاةوسلاماًعلىك ياسيدي يارسول الله وعلى آلك وصحبك أجمعين أما بعدفياجماعة الإسلام
يقول الله تعالي :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”(البقرة/183).
أيها الناس:
” إنَّ أفضل جائزة وأرفع غنيمة ينالها الإنسان في حياته هي الفوز بالجنة والنجاة من النّار،قال الله تعالى: “فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ”. (آل عمران: 185).
فكم من أناس يسعون في حياتهم لتبرئة أنفسهم وعتقها من أسباب الخسارة المادية والاجتماعية وغيرها وإذا مااتهم في قضية دنيوية سارع في جلب أبرع المحامين لتبرئته مما نسب إليه .. وينسون أن يلزموا أنفسهم سُبل تخليصها من النار؛هذه السبل الواضحة التي أرشدنا إليها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم والتي منها الصيام ففي شهر رمضان المبارك تكون جائزة العتق من النار متوفرة لطالبها في سائر أيامه ولياليه المباركات..
شهر رمضان والعتق من النيران
“شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ..”(البقرة/185).
إخوة الإسلام:”وقددلنا ديننا الإسلامي الحنيف على أعمال إذا قمنا بها وخاصة في رمضان كانت سببًا لعتق رقابنا من النَّار .. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة”( الترمذي وابن ماجه). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:”إنّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبدٍ منهم دعوةٌ مستجابة “أي في رمضان، “(أحمد). وعن جابر بن عبد الله مرفوعاً:”إنَّ لله عند كل فطرٍ عتقاءَ وذلك في كل ليلة”( ابن ماجه).
فما هي تلك الأعمال التي إذا حافظ عليها المسلم تكون سببا في عتقه من النار؟
أول هذه الأسباب ومن أسباب العتق من النار
المحافظة علي الصيام :”
فالصيام سبب أكيد في العتق من النار لمن حافظ عليه وتحفظ حدوده وصامه وقامه إيماناً واحتساباً :” يقول صلي الله عليه وسلم:” من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه” (متفق عليه). و يَقُولُ صلي الله عليه وسلم :”مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا “(متفق عليه).
ويقول صلي الله عليه وسلم :” من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي أن يتحفظ منه كفَّر ما قبله”(أحمد).
فيا باغي الخير هلمَّ أقبل ، فقد صفدت الشياطين ، وسجِّرت النيران ، وفتِّحت أبواب الجنة ، فيا لعظم رحمة الله !! أي ربٍ كريم مثل ربِّنا ، له الحمد والنعمة والثناء الحسن .
فكم لله من عتقاء كانوا في رق الذنوب والإسراف ، فأصبحوا بعد ذل المعصية بعز الطاعة من الملوك والأشراف . فلك الحمد كم له من عتقاء صاروا من ملوك الآخرة بعدما كان في قبضة السعير . فلك الحمد .
فيا أرباب الذنوب العظيمة،الغنيمة الغنيمة في هذه الأيام الكريمة،فما منها عوض و لا لها قيمة ، فمن يعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة .
قال صلى الله عليه وسلم:”الصوم جنة يستجن بها العبد من النار”( الطبراني في الكبير). وجنة أي وقاية من النار وكأن من صام فقد قدم هذا العمل كوقاية له من النار وكذلك عتق له من عذاب القبر فعن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “والذي نفسي بيده; إنه ليسمع خفق نعالكم حين تولون عنه، فإن كان مؤمناً، كانت الصلاة عند رأسه، والزكاة عن يمينه، والصوم عن شماله، وفعل الخيرات والمعروف والإحسان إلى الناس من قبل رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ليس من قبلي مدخل ثم يؤتى عن يمينه فتقول الزكاة: ليس من قبلي مدخل، ثم يؤتى عن شماله، فيقول الصوم: ليس من قبلي مدخل، ثم يؤتى قبل رجليه، فيقول فعل الخيرات والمعروف والإحسان إلى الناس: ليس من قبلي مدخل “(الحاكم في المستدرك علي شرط الصحيحين). .
وقد جعل الله الصيام بدل عتق الرقبة في دية القتل الخطأ وكفارة الظهار
قال الله تعالى:”فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا”(النساء /92 ).
وقال تعالى:”وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا”(المجادلة : 3 -4).
فإذا كان الصيام بديلاً عن العتق،وإذا كان من أعتق رقبة أُعتق بها من النَّار،فلعل الإكثار من الصيام سبب لنفس الجزاء فلابد من تعاهده بالإصلاح،بأنْ يكون صيامًا عن المحرمات،وعدم الوقوع في المكروهات،وعدم التوسع في المباحات ، صيام للجوارح ، بل صيام للقلب عن كل شاغل يشغله عن الله ، فترفق ، ولا تستكثر من أمور الدنيا في رمضان ، فرمضان الفرصة الثمينة للفوز بالجنة والنجاة من النارلأن الصوم لاعدل له . فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِي الله عَنهُ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لاَ عِدْلَ لَهُ”(أحمد).
ورمضان شهر الكرم والجود :”
إيها الناس :” وإطعام الطعام للمساكين سبب للعتق من النار ورسولنا صلي الله عليه وسلم كان أجود الناس ولاسيما في شهر رمضان . عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسَلة”(البخاري).
إخوة الإسلام :”وقد جعل الله إطعام الطعام محل العتق في كفارة الظهار:”ومَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ”( المجادلة /4).
وجعل إطعام المساكين أو كسوتهم محل عتق الرقاب في كفارة الأيمان .
قال تعالى:”لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”( المائدة :89).
وقد جاء في بعض الأخبار : قال موسى عليه السلام لرب العزة عزَّ وجل : “فما جزاء من أطعم مسكينا ابتغاء وجهك ؟ قال : يا موسى آمر مناديا ينادي على رؤوس الخلائق إن فلان بن فلان من عتقاء الله من النار ..”(حلية الأولياء).
ولإطعام الطعام – لاسيما للفقراء والمساكين – مزية عظيمة في الإسلام ، فهو من أفضل الأعمال الصالحة عند الله تعالى :عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال :”تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف”(متفق عليه ).
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟فقال صلى الله عليه وسلم:”إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته ، أو كسوت عورته،أو قضيت له حاجة”(الطبراني في الأوسط- صحيح الترغيب).و قال صلى الله عليه وسلم:” اعبدواالرحمن،وأطعموا الطعام،وأفشوا السلام ، تدخلوا الجنة بسلام”(الترمذي).
بل اختصَّ الله من يقوم بهذا العمل الصالح بنعيم سابغ في الجنة .
يقول صلى الله عليه وسلم:”إن في الجنة غرفا،بُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها . فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟قال : هي لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات قائما والناس نيام”(الطبراني والحاكم ).ويكفي أنَّ الله جعل له ثوابًا مدخرًا يوم القيامة .قال الله في الحديث القدسي : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني .قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي”( مسلم ).
فالصدقات والجود وقاية من النار قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ؛ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ ؛ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ ؛ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ؛ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ”(متفق عليه)
فهنيئًا أيها الفائز بالعتق ، وعزاءً لكل من فاته هذا الفضل العظيم يا من أعتق فيها من النار هنيئا لك المنحة الجسيمة،و يا أيها المردود فيها جبر الله مصيبتك هذه فإنها مصيبة عظيمةمابعدها مصيبة.فقال صلي الله عليه وسلم :”خاب وخسرورغم أنفه مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ , فَقُلْتُ : آمِينَ “(البزار).
#الإلحاح وكثرة الدعاءسبب العتق من النار .
عباد الله :” ومن أسباب العتق من النيران كثرة الدعاء لذلك عبر الرسول صلي الله عليه وسلم عن هذه الكثرة بقوله :”ما سأل رجل مسلم الله الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة ، و لا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثا إلا قالت النار : اللهم أجره منِّي”(أحمد ).
نعم إنه الدعاء ، إنه التضرع إلى الله ، إنه الإلتجاء إلى الله ، إنه الوقوف بين يدي الله ، وتعجب حينما يأتي الله سبحانه بتعالى بآية تتحدث عن الدعاء في معرض حديثه عن آيات الصيام قال تعالي :”وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”(البقرة: 186)؛ قال ابن كثير: “وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العِدّة، بل وعندَ كلّ فطر”( تفسير بن كثير ) .
“فشهر رمضان المبارك شهر الصيام فرصةٌ عظيمةٌ لقبول الدعاء؛ ولا سيما عند الإفطار؛فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ:الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ؛ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ؛ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ؛ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ:وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ”( الترمذي).اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذبك من سخطك والنار..
كان سفيان الثوري يستيقظ مرعوبًا يقول : النار..النار ، ويقول : شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات ، ثمَّ يتوضأ ويقول إثر وضوئه : اللهم إنَّك عالم بحاجتي غير مُعلَّم ، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النَّار”(الحلية (7/60)
فواظب على أن تدعو الله بأنْ تعتق رقبتك ، وأقبل على الله بكليتك ، مع حضور القلب ، مع الانكسار والتضرع بين يدي الرب سبحانه ، واستقبل القبلة ، وأنت على طهارة ، وأكثر من الثناء على الله وحمده بما هو أهله ، وناده بأسمائه الحسنى ، وارفع يدك مستسلمًا ، وأكثر من الاستغفار والتوبة ، وتحرَّ أوقات الإجابة الستة : وهي الثلث الأخير من الليل ، وعند الأذان ، وبين الأذان والإقامة ،وإدبار الصلوات المكتوبات ، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة ، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم .
ثمَّ ألح في المسألة بأن تعتق رقبتك من النَّار ، ومن الخير أن تتصدق بعد هذا الدعاء بصدقة فمثل هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا .
ومن أسباب العتق من النار الإخلاص .
يقول صلى الله عليه وسلم:”لَنْ يُوَافِىَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ،إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ”(البخاري).
نعم إذا كنت مخلصًا صادقا في عملك… تريد الله واليوم الآخر،وتتحمل المشاق من أجل أن تفوز بالجنة ،وتعتق رقبتك من النار، فان الله يتقبل عملك،ويزحزحك عن النارومن أظهرعلاماته:النشاط في طاعة الله،وأنْ يحب أن لا يطلع على عمله إلا الله .قيل لذي النون :متى يعلم العبد أنَّه من المخلصين؟قال:”إذا بذل المجهود في الطاعة ، وأحب سقوط المنزلة عند النَّاس .
نعم إذا كنت مخلصًا صادقُا،فسيكون رد فعلك واضحًا قويًا ،فإذا سمعت تلك الأسباب للعتق من النًّار مثلاً،شمَّرت عن ساعد الجد للإتيان بها جميعًا ،سوف تتأمل عظم النار ، وشدة ما فيها من عذاب،وتشفق على نفسك أن يكون هذا مصيرها ، فستسعى إن كنت تريد الله واليوم الآخر،وستكد،وستجتهد،وتتحمل المشاق من أجل أن تفوز بهذاالفضل الذي لايضاهى ولايماثل.”حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ،وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ”(مسلم).
والصيام عبادة لايدخلها رياء وهو عبادة المخلصين:”
فالصوم عبادة جليلة أضافها الله إلى نفسه من بين سائر العبادات، وقد تعددت آراء العلماء حول سبب هذه الإضافة حتى أوصلوها إلى عشرات الأسباب، وكان أظهر هذه الأسباب هو أن الصوم عبادة لا رياء فيها، فهي سر بين العبد وربه، ولا يمكن أن يطلع عليها أحد.. قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:”كُلُ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَوم، فَإِنهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْك”(مسلم).
#ومن أسباب العتق من النار سماحة الأخلاق .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ:”مَنْ كَانَ لَيِّنًا هَيِّنًا سَهْلاً حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ “(الحاكم والبيهقي). ..
أخي الصائم :” إذا كنت سمحًا في سائر معاملاتك مع النَّاس ، باشًا في وجوههم ، وتبسمك في وجه أخيك صدقة ، حليمًا غير غضوب ، لين الجانب ، قليل النفور ، طيب الكلم ، رقيق الفؤاد ،فإذا اشتد أخوك عاملته بالرفق لا الخشونة . ولا تنسَ أن ذلك سبباً من أسباب ” العتق من النار “
والصوم هو الذي يسمو بالمسلم إلي أعلي درجات السماحة والأخلاق الكريمة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ:”إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ:”إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ “(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم:”مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ”(الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيَّ).
والصائم إذا خرج من دائرة مكارم الأخلاق فإن ذلك يتنافى مع الحكمة التي شرع من أجلها الصيام حيث قال الله تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”(البقرة:183).
ففي الآية بيان أهم مقاصد الصيام وهو تحصيل تقوى الله سبحانه، كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصوم جنة، أي وقاية للصائم من المعاصي في الدنيا بكسر الشهوة وحفظ الجوارح، ووقاية له من النار في الآخرة، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: الصيام جنة، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل. (البخاري ومسلم). وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
” رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر”(أحمد وابن ماجه). فحسن الخلق والرفق واللين مع الناس طريق إلى الجنة ووقاية من النار بل إن حسن الخلق في مقدمة وسائل دخول الجنة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ أحمد والترمذي وصححه ] ؛ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا ، وَصِيَامِهَا ، وَصَدَقَتِهَا ، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : ” هِيَ فِي النَّارِ ” ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا ، وَصَدَقَتِهَا ، وَصَلَاتِهَا ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : ” هِيَ فِي الْجَنَّةِ ” . ( أحمد وابن حبان والحاكم وصححه )
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم.ومن صيام السمع صونه عن سماع المحرمات والمنكرات….. إلخ.
#ومن أسباب العتق من النار إصلاح الصلاة وأدراك تكبيرة الإحرام .
فأول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة :” قال صلى الله عليه وسلم:”مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَالأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِوَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ”(الترمذي). ..
فالصائم الذي يتخفف من أعباء الدنيا طوال هذه الشهر،ويكقرمن بالدعاء مع كل صلاة ..أن يرزقه الله الصلاة التالية وان يدرك تكبيرة الإحرام .. ويحافظ على صلاتي الفجر والعصر كان سبباً له من العتق من النارفقد روي عن أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال:” لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا”(مسلم). يَعْنِى الْفَجْرَ وَالْعَصْرَبأن تصليهما في أول الوقت ، وتحافظ على أداء السنة قبلهما قال صلى الله عليه وسلم:” ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها”( مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم:”رحم الله امرءًا صلَّى قبل العصر أربعاً(أبو داود والترمذي).
وعلي المسلم أن يكثر من الدعاء والاستغفار بين الآذان والإقامة لتتهيأ للصلاة فترزق فيها الخشوع والخضوع ، فمداومتك على هذا سبب عظيم لاستقامة الحال مع الله،فعظِّم شأن هاتين الصلاتين،فاستعن على أداءالفجر بالنوم مبكرًا، والنوم على طهارة،والأخذ بأذكارقبل النوم،والدعاء بأن يهبك الله هذا الرزق العظيم .
الخطبة الثانية رمضان والعتق من النيران :”
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أمبعد فياجماعة الإسلام:لازلنا نواصل الحديث حول شهررمضان شهر العتق من النيران ..وأسباب العتق كثيرة ولاسيما في شهر رمضان وأولها المحافظة علي الصوم:”فعليك بالصوم فإنه لاعدل له ”
#ومن أسباب العتق من النار البعد عن الغيبة والنميمة :”
والصائم الحق هو الذي يبتعد عن الغيبة والنميمة والتحدث في أعراض الناس
فمثل هذه الأعمال تبطل الصيام والغيبة وهي ذكر الإنسان بما يكره. وهي معصية؛ لقول الله تعالي:”وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا”(الحجرات:12).قال صلي الله عليه وسلم:” الغيبة ذكرك أخاك بما يكره قيل:أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ،وإن لم يكن فقد بهته”(مسلم). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفيَّة كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم:”لقد قلتِ كلمةً لو مزجت بماء البحر لمزجته”(الترمذي).
وهكذا النميمة والسب والشتم والكذب، كل ذلك تجرح الصوم وتنقص الأجر؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم:”من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”(البخاري ). ولقوله صلي الله عليه وسلم:”الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم”(متفق عليه).
وعن عوَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ”إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا،وإِنَّهُمَا قَدْ كَادَتَا تَمُوتَانِ مِنَ الْعَطَشِ ، قَالَ : فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ سَكَتَ ، ثُمَّ عَادَ ، قَالَ:أُرَاهُ قَالَ:بِالْهَاجِرَةِ ،فَقَالَ:يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُمَاوَاللَّهِ قَدْ مَاتَتَا أَوْ كَادَتَا تَمُوتَانِ،فَقَالَ:ادْعُهُمَا،فَجَاءَتَا،قَالَ : فَجِئْ بِقَدَحٍ،أَوْعُسٍّ ، فَقَالَ لإِحْدَاهُمَا : قِيئِي ، فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ وَصَدِيدٍ ، حَتَّى قَاءَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ ، ثُمَّ قَالَ لِلأُخْرَى : قِئِي،فَقَاءَتْ قَيْحًا وَدَمًا وَصَدِيدًا وَلَحْمًا عَبِيطًا وَغَيْرَهُ،حَتَّى مَلأْتِ الْقَدَحَ،ثُمَّ قَالَ:”إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا َمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمَا ، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى فَجَعَلَتَا تَأْكُلانِ لُحُومَ النَّاسِ”(أحمد والترمذي).
فالغيبة والنميمة تكونا سبباً في عذاب القبر فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنَّه قال:”مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنَّهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثُمَّ قال: بلى، أمَّا أحدهما: فكان يسعى بالنَّمِيمَة، وأما الآخر: فكان لا يستتر من بوله، قال: ثُمَّ أخذ عودًا رطبًا، فكسره باثنتين، ثُمَّ غرز كل واحد منهما على قبر، ثُمَّ قال: لعله يُخفف عنهما مالم ييبسا..”(البخاري ومسلم).
والذب عن الأعراض عتق من النيران :”
فإياك ومجالس الغيبة،والنيل من أعراض المسلمين،وذكرك أخاك بما يكره ، فإذا جلست في مجلس،ونال النَّاس من عرض أخيك المسلم ، فاحذر فإنَّ المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأنْ ينكر بلسانه ،فإن خاف فبقلبه ، فإن قدر على القيام أو قطع الكلام لزمه .قال صلى الله عليه وسلم:”من ذبَّ عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار”( أحمد والطبراني ).
قال الغزالي:”ولا يكفي أن يشير باليد أن اسكت أو بحاجبه أو رأسه وغير ذلك فإنه احتقارللمذكوربل ينبغي الذب عنه صريحاكما دلت عليه الأخبار”(فيض القدير).
اللهم اعتق رقابنامن النّارفي هذا الشهر المبارك،واعتقنا من رقّ الذنوب، وخلَّصنا من أَشَرالنُّفوس،وباعد بيننا وبين الخطايا.عباد الله أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة..
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع